بسم الله الرحمن الرحيم
       الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله وآله الطيبين

إن بناء الحضارات دائماً يبدأ ببناء الإنسان القادر على مواكبة التطور وفهم مفرداته واستيعاب مخرجاته ووضع كل منها في مكانه الصحيح حتى يكتمل البناء وتتحقق الغاية، ولرُب قائل إن من ليس له ماضي ليس له حاضر ومن ليس له حاضر لن يكون له مستقبل ، فالحضارة لا تعني قطع العلاقة بالماضي وإتباع ما تخرجه حضارات الأمم الأخرى الأكثر تقدماً ولكن الحضارة هي بناء متراكم يستقي سمات الماضي ويضعها في قوالب حديثة تتماشي مع متطلبات الزمن الحاضر مما ينتج عنه بناء حضاري متميز عن غيره من الحضارات ومنافس لها يحمل سمات شعب له جذور استطاع أن يحافظ عليها وخرج بها من دائرة الجمود إلى مربع التقدم والبناء والديناميكية والعطاء . إن هذه المؤسسة التي نحن اليوم بصدد بنائها وتطويرها لا تنطلق من الصفر بل هي امتداد لمؤسسة عريقة يمكن اعتبارها أول مؤسسة تعليم زراعي في ليبيا الحديثة فجذورها تضرب عميقاً في تربة هذا الوطن وقد صدق من قال إن التاريخ له رائحة، فجولة واحدة في ربوع هذه المؤسسة تكفي لتخبرك بما كان هنا وتثير فيك شجون الحنين لماضي عريق من صنع الإنسان على هذه الأرض الأبية، إن معهد العويلية الزراعي كأحد المؤسسات التعليمية التي ساهمة على مدى 64 عام في بناء الإنسان الليبي وامتد عطائها حتى طال كثيرا من دول الجوار فكثير من الذين قادوا برامج التنمية في ليبيا وساهموا في دفع عجلة البناء في هذا الوطن وحتى في دول الجوار كانوا من طلاب هذه المؤسسة العريقة. وقد تعرضت هذه المؤسسة مثل غيرها من مؤسسات الوطن للتهميش والتدمير المتعمد الذي طال جميع مناحي الحياة في ليبيا إبان حكم النظام السابق مما سبب لها ركوداً ونكسات دفعتها لغلق أبوابها أمام الدارسين فترة من الزمن، واليوم ها هي تعود مثل العنقاء التي تُبعث من الرماد لتقف شامخةً على قارعة الطريق الساحلي ومقابلة لبلدة العويلية الشرقية التي تشرفت باحتضان أقدم مؤسسة تعليم زراعي في ليبيا وواحدة من أعرق المؤسسات التعليمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وانصهر المعهد الزراعي في بلدة العويلية إلى درجة إنه يشكل جزء مهم من كيان الإنسان الليبي في هذه البلدة ولا يمكن تخيل العويلية بدون معهدها الزراعي ولن يرضى المعهد الزراعي أن يكون في مكان غير العويلية الشرقية. الإدارة الحالية لمعهد العويلية الزراعي رأت أن تقبل التحدي برفعه ليكون المعهد العالي للتقنيات الزراعية وهي عاقدة العزم لجعله من المؤسسات التي يشار إليها بالبنان في مجال التعليم والتدريب الزراعي بحيث يستطيع أن يرفع من مستوى المهن الزراعية المختلفة ويدعم قطاع الزراعة بالفنيين والتقنيين  المتخصصين في شتى تخصصات العمل الزراعي ويكون رافداَ مهماَ من روافد الاقتصاد الوطني بعد التحرير كما كان رافداً من روافد العلم والمعرفة بعد الاستقلال .
                                          والله ولي التوفيق
 

                                                              أ. مجدي حسن محد المسماري
                                                                       المدير العام
العادات imageالعادات image
تم عمل هذا الموقع بواسطة